كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

قال: فرأيته يتطالل على سرجه ثم حمل حملة كانت آخر العهد به. هكذا صحَّت الرِّواية عن أبي علي - رحمه الله - يتطالل بإظهار التضعيف، وهذا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر؛ وإنما هو يتطالُّ كما تقول: يتقاصُّ ويتراددُّ؛ وقال قعنب في الضرورة:
مَهلاً أَعاذِلَ قد جرَّبتِ من خُلُقِي ... أَني أَجُودُ لأقوامٍ وإن ضَنِنُوا
* * * وفي " ص 262 س 14 " قال أبو علي - رحمه الله -: حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل الضبي - رحمهم الله أجمعين - قال: دخلت على المهدي - رحمه الله - فقال لي قبل أن أجلس: أنشدني أربعة أبيات لا تزد عليهن - وعنده عبد الله بن مالك الخزاعي - فأنشدته:
وأَشْعَثَ قد قَدَّ السِّفَارُ قمِيصَهُ ... يَجُرُّ شِوَاءً بالعَصَا غَيرَ مُنْضَجِ
دَعوتُ إلى نا نَابنِي فأجَابَنِي ... كريمٌ من الفِتيَانِ غَيرُ مُزَلَّجِ
فتىً يملأُ الشِّيزَى ويُرْوِي سِنانَه ... ويَضْرِب في رأسِ الكَمِيّ المُدَجَّجِ
فتىً ليس بالرَّاضِي بأَدنَى مَعِيشَةٍ ... ولا في بُيوتِ الحَيِّ بالمُتَوَلِّجِ
فقال المهدي: هو هذا! - وأشار إلى عبد الله بن مالك - فلما انصرفت بعث إليّ المهدي - رحمه الله - بألف دينار وبعث إليّ عبد الله - رحمه الله - بأربعة آلاف درهم. قوله: " يجر شواء " هذه رواية ساقطة، والجميع يخالفها فيروونه: وجر شواء، نسقا على قوله: " قدَّ السفار قميصه وجر شواء " كذلك رواه أبو حاتم عن الأصمعي وأبي عمرو الشيباني - رحمهم الله - وكذلك

الصفحة 82