كتاب أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء

أبي عروبة وأشباههما - فانا نروي عنهم في كتابنا هذا ونحتج بما رووا، الا انا لا نعتمد من حديثهم الا ما روى عنهم الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل اختلاطهم، أو ما وافقوا الثقات في الروايات التي لا نشك في صحتها وثبوتها من جهة أخرى، لأن حكمهم وان اختلطوا في أواخر أعمارهم وحصل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم حكم الثقة اذا أخطأ اذ الواجب ترك أخطائه اذا علم والاحتجاج بما يعلم أنه لم يخطيء فيه، وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذي ساعدهم سماعهم من قبل الاختلاط سواء)) (¬1) .
وللسلف نظرات ثاقبة في معرفة الحديث الذي لم يخطىء فيه الراوي من الذي أخطأ فيه فهم ينتقون من أحاديث المختلطين: فما تبين لهم أنه لم يخطيء فيه أخذوه وما تبين لهم أنه أخطأ فيه تركوه، قال وكيع بن الجراح: ((كنا ندخل على سعيد (¬2) ، فنسمع فما كان من صحيح حديثه أخذناه وما لم يكن صحيحا طرحناه)) (¬3) .
وقال أبو نعيم: ((كتبت عنه بعد ما اختلط حديثين)) (¬4) .
ويبدو أن هذا هو صنيع صاحبي الصحيحين فقد اخرجا عن بعض المختلطين بطريق من سمع منهم بعد الاختلاط، فقد أخرج الامام البخاري لحصين بن عبد الرحمن
¬_________
(¬1) الاحسان 1/161.
(¬2) يعني: سعيد بن أبي عروبة، ترجمته في التقريب 1/302 والتهذيب 4/63، والجرح والتعديل 2/65.
(¬3) تهذيب التهذيب 4/64.
(¬4) تهذيب التهذيب 4/64.

الصفحة 117