كتاب أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء
فالقلب من حيث الأساس - مطمئن الى رواية الثقة. وليس كذلك رواية الضعيف، فالقلب غير مطمئن اساسا اليها فالأصل الحكم عليها بالخطأ والصواب طاريء: ومع ذلك فان معرفة الخطأ في رواية الضعيف ليس بالأمر السهل وذلك لأن الحكم عليه بالضعف أساسا يحتاج الى متابعة روايته ومقارنتها برواية الثقات، فان كثرت مخالفته لهم حكم بضعفه. وأيضا فان الضعف درجات؛ والضعف في الراوي اذا لم يكن شديدا فان بالامكان الاستفادة من بعض أحاديثه، وذلك لأن خطأ الضعيف غير مقطوع به، وانما قد يصيب وقد يخطيء؛ كذلك من الضروري أن نعرف: بأن معنى قولهم فلان ضعيف أنه اذا تفرد بشيء عن شيخه لا يحتج به لغلبة احتمال الخطأ عليه وعدم اطمئنان القلب اليه وليس معنى هذا أن كل ما يرويه ضعيف وأنه مخطيء في كل ما يرويه؛ لذلك فان من أحاديثه ما يصح وما يضعف ويعرف الخطأ والصواب بالبحث والموازنة.
وهذا يفهم من صنيع الشيخين حيث رويا عن جماعة ممن خف ضبطهم لأنهما علما أن هذه الأحاديث قد صحت (¬1) ، وذلك بالموازنة والمقارنة مع أحاديث غيرهم من الثقات، فلما توبعوا على أحاديثهم، وتبين لصاحب الصحيح صحتها أخرجها في المتابعات مقرونة باحاديث الثقات.
وقد يخرج له صاحب الصحيح اذا قامت قرينة أو أحاط روايته ظرف يرجح صحتها: كعناية الراوي الخفيف الضبط برواية شيخ معين أو ملازمته له، فيخرج صاحب الصحيح روايته عن ذلك الشيخ في الأصول وليس في المتابعات فقط. وهذا
¬_________
(¬1) أنظر كلام الحافظ ابن حجر في هدي الساري حول انتقاء الشيخين الصفحات التالية ((338 و 406 و 414 و 424 و 442 و 444 و 449)) . وأنظر نصب الراية 1/341 , وصيانة صحيح مسلم ص94 , والعواصم والقواصم ج3/96 وما بعدها وشرح صحيح مسلم للنووي 1/18 , والتنكيل ج1/77.
الصفحة 19
383