كتاب أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء

الاسلام أن نتوقف في خبر الفاسق، فكيف نأخذ برواية الكافر؟
ثانيا: البلوغ (¬1) : فلا تقبل رواية من دون سن التكليف؛ حيث أن البلوغ مدار التكليف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن
الصبي حتى يحتلم)) (¬2)
والبلوغ مظنة الادراك وفهم أحكام الشريعة؛ لذلك نيط التكليف به، والمراد بالبلوغ العقل مع ادراك سن الاحتلام، ولذا فلقد قرنه بها بعضهم. أي - البلوغ والعقل- (¬3) وقد اكتفى الشافعي بذكر العقل (¬4) ؛ لأنه لا يتصور الادراك والعقل دون البلوغ عند الغالب. فاشتراط العلماء البلوغ، فيه احتراز عن حديث الصغير، اذ أنه لا يعرف أثر الكذب ولا عقوبته، فالبلوغ والعقل يزجران المكلف عن الكذب، أما اذا تحمل صغيرا، وأدى الرواية كبيرا قبلت روايته، ولم يتردد أحد في قبول رواية: عبد الله بن عباس، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وابن الزبير، والنعمان بن بشير، والحسن بن علي، والسائب بن يزيد، والمعروف من سير السلف: أنهم كانوا يحضرون الأطفال والصبيان مجالس العلم والرواية، فاذا كان في كبره جامعا للشروط الأخرى لا تردد في قبول
¬_________
(¬1) المصادر السابقة، سوى البحر المحيط فانه 4/267.
(¬2) حديث صحيح، أخرجه أحمد 6/100 و 144، والدارمي (2301) ، وأبو داود 4/139 رقم (4398) ، وابن ماجه 1/658 رقم (2041) ، والنسائي 6/156، وابن الجارود (148) ، وأبو يعلى (4400) ، وابن حبان (142) ، والحاكم 2/59 من حديث عائشة. وأخرجه أبو داود 4/140 رقم (4401) ، وابن ماجه 1/658 رقم (2042) والدارقطني 3/138 والحاكم 1/258 و 2/59، والبيهقي 8/264 من حديث علي، وصححه الحاكم، ولم يتعقبه الذهبي.
(¬3) الكفاية ص76، بدائع الصنائع 2/266.
(¬4) الرسالة ص370.

الصفحة 92