كتاب طالب العلم بين أمانة التحمل ومسؤولية الأداء

استدر العلم ولا استجلب بمثل العمل. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد 28] "1.
وأما المرتبة السادسة: وهي نشره وتعليمه.
وقد قيل: "ما صينَ العلم بمثل العمل به وبذله لأهله"2.
وقال ابن القاسم: "كنا إذا ودَّعنا مالكاً يقول لنا: اتقوا الله وانشروا هذا العلم وعلموه ولا تكتموه"3.
وعن أبي حاتم الرازي قال: "نَشْرُ العلم حياته، والبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة، يعتصم به كل مؤمن، ويكون حجة على كل مقر به وملحد"4.
وحرمان العلم من هذه الوجوه الستة:
أحدها: ترك السؤال
الثاني: سوء الإنصات وعدم إلقاء السمع.
الثالث: سوء الفهم.
الرابع: عدم الحفظ.
الخامس: عدم نشره وتعليمه، فإن من خزن علمه، ولم ينشره، ولم يعلِّمْه ابتلاه الله بنسيانه وذهابه منه جزاء من جنس عمله، وهذا أمر يشهد به الحس والوجود.
السادس: عدم العمل به فإن العمل به يوجب تذكره وتدبره ومراعاته والنظر فيه، فإذا أهمل العمل به نسيه.
__________
1 مفتاح دار السعادة (1/172) .
2 جامع بيان العلم وفضله 1/496 رقم789.
3 نفس المصدر 1/492 رقم781.
4 شرف أصحاب الحديث ص 17.
المطلب الثّالث: آداب طالب العلم
على طالب العلم أن يراعي جملة من الأمور يتحلى بها في سلوكه سبيل العلم ومن بينها:
أولاً: حسن النية في طلب العلم: بأن يقصد به وجه الله - تعالى - والعمل به وإحياء الشريعة وتنوير قلبه وتحلية باطنه، والقرب من الله - تعالى - يوم القيامة، والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه وعظيم فضله.
قال سفيان الثوري: "ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي"1.
__________
1 الجامع للخطيب 1/494 رقم 699.

الصفحة 22