كتاب رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي

المذكور وغيره من آثاره المكتوبة مثل فتاويه وثبته المعروف (بثبث الجزائري) (¬18)، فهو حافظ وناقل أكثر منه مفكرا ومجتهدا. ومهما يكن الأمر فقد تلقى العلم في وطنه على جده وعلى والده كما تلقاء على المفتي المالكي علي ابن مد القادر بن الأمين (¬19) وهؤلاء هم الذين ذكرهم في (ثبته) وهو يشير إلى روايته للحديث، وغيره. فقد قال إنه قرأ بعض صحيح البخاري على جده (يعني جده الأدنى) وأجازه ببقيته وبكتب الحديث، الستة الأخرى). أما عن والده فقد قرأ الفقه الحنفي وغيره من العلوم. وهو يروي البخاري: (بأعلى سند يوجد في الدنيا) عن شيخه علي بن عبد القادر المفتي المالكي المذكور. ويسميه تارة (شيخي أبي الحسن) وتارة (شيخنا ابن الأمين) وأحيانا يقول (صاحب شيخنا).
وقد بلغ به التأثر بابن الأمين أن قلده في منح الإجازات لمن أدرك حياته، فقال عنه (وقد أجاز جميع من أدرك حياته وفد اقتديت أنا به في ذلك فأجزت بكل ما أجازني به مشائخي جميع من أدرك حياتي (¬20) ولكننا إذا تأملنا في مصادر (السعي المحمود) وجدنا أن ابن العنابي كان عميق الثقافة، سواء منها تلك التي تمت بصلة إلى علوم الدين أو علوم الدنيا. أما في (الثبت) فهو يتحدث فقط عن روايته لمسلسلات الحديث الشريف وهي المعروفة (بالسند).
وقد كان في مدينة الجزائر علماء معاصرون له، نذكر منهم المفتي الشاعر محمد بن الشاهد (¬21)، والمفتي مصطفى بن الكبابطي (¬22)، والعالم محمد
¬__________
(¬18) الاعلام، 7، ص 311. ورسالة الشيخ البوعبدلي إلى المؤلف.
(¬19) توفي عن ثمانين سنة عام 1236 (1820). انظر (ثبت الجزائري).
(¬20) انظر مخطوط 7451، تونس.
(¬21) كان حيا سنة 1839 وكان بالإضافة إلى الشعر ينظم الموشحات وياحنها. ولا سيما في المولد النبوي وقد تولى الإفتاء عدة مرات. انظر مقالتنا عنه في كتابنا المذكور (تجارب في الأدب والرحلة).
(¬22) تولى الإفتاء زمن الفرنسيين ثم نفوه لمعارضته ضم الأوقاف الإسلامية إلى أملاك الدولة الفرنسية وقد استوطن الإسكندرية، وكان شاعرا رقيقا أيضا وله شعر في الحنين إلى الوطن, وهو دفين الإسكندرية. توفي سنة 1277 هـ. انظر بحثنا عنه في كتاينا المذكور =

الصفحة 29