كتاب رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي

علاقته بالفرنسيين بعد احتلال الجزائر:
وليس من المؤكد الآن أن المفتي الحنفي وقت دخول الفرنسيين للجزائر كان هو ابن العنابي. فقد عرفنا أسماء عدد من المفتين تولوا في الفترة القصيرة من 1244 هـ (1828 م) إلى 1251 هـ (1835 م) من بينهم ابن العنابي مع إغفال تواريخ تعيين بعضهم. وهذا الغموض في تلك الفترة الدقيقة لا يساعد على فهم الحوادث التي سيرد فيها اسم ابن العنابي, ومن هذا الغموض أيضا أن وظيفة المفتي الحنفي قد تعرضت إلى تقلبات خلال السنة الأولى من الاحتلال مع عدم ذكر اسم المفتي المعني بالأمر. فقد جاء في أخبار الحملة الفرنسية على الجزائر أن الداي حسين باشا قد عزل في آخر لحظة قبل دخول الفرنسيين، المفتي الحنفي (التركي) وعين بدله مفتيا عربيا من أهل البلاد آملا أن يكون ذلك سببا في التفاف الجزائريين حوله في مقاومته للجيش الفرنسي. فمن هو المفتي المعزول؟ ومن هو المفتي الجديد؟ هذه نقطة تظل بدون جواب أيضا. كذلك تتحدث الأخبار عن أن الباشا قد استدعى، بعد هزية جيشه في واقعة سطاولي، (المفتي الحنفي، شيخ الإسلام) (*) وسلمه سيفا وطلب منه أن يدعو الناس للجهاد دفاعا عن البلاد (43) ولكن هذه الأخبار لا تذكر اسم هذا المفتي شيء الحظ الذي وضعته الأقدار في مفترق الطرق (¬44).
¬__________
(*) انظر المدخل الجديد، ففيه أنه ابن العنابي، وأنه عين لرئاسة العسكر. (43) حمدان خوجة، (المرآة) ترجمة العربي الزبيري 1975، ص 198، انظر بليسييه ديرينو (الحوليات الجزائرية) ج 1، باريس، 1854، ط 2، ص 53، وكذلك أبو القاسم سعد الله (تاريخ الجزائر الحديث، بداية الاحتلال). معهد البحوث والدراسات العربية القاهرة، 1970، ص 69 - 71.
(¬44) يذكر خوجة أيضا أن بورمون قائد الحملة الفرنسية على الجزائر، وقد وشى بالقاضي الحنفي (ولم يذكر اسمه) فنفاه. ص 229. فمن يكون هذا القاضي؟ جاء في كتاب تاريخ الأمير عبد القادر أن القاضي الحنفي العنابي قد كتب على لسان مسلمي الجزائر إلى أهل وهران يدعوهم إلى أن يفعلوا نحو الفرنسيين ما فعل أهل مدينة الجزائر
نحوهم، أي عدم محاربتهم، وهذا الخبر يزيد الأمر تعقيدا. انظر المخطوط المذكور، المكتبة الوطنية الجزائرية. ص 72.

الصفحة 39