كتاب رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي

برأي شخصي. أما قائد الجند فقد عرفه بأمير اللواء الذي تنقاد إليه الجيوش، وعرف العريف بالنقيب، وبين أن السيرة النبوية واضحة في أن الروايات والألوية لا يحملها إلا المتقدم على القوم. وأضاف بأن (النظام المستحدث) يرتب الجند على المئين والعشرات ويدخل في ذلك تسويم الجند بمعنى وضع العلامات، ناقلا عن جده في تفسيره أن التسويم من المسومة وهي العلامة التي توضع على الشاة وغيرها. وكذلك الشعار أو العلامة أيضا. والمرد به هو أن يختار إمام المسلمين كلمة أو عبارة ترمز إلى الانتصار على العدو وتفاؤلا وفي كل هذه الأمور يورد المؤلف الآيات والأحاديث والمواقف، ولكنه يقف عندها ولا يظهر هو فيها برأي أو تعليق.
ومن القضايا التي تحدث عنها في بداية الكتاب ثم خصها بفصل متوسط (¬24) حديثه عن لباس الجند. ورأيه في ذلك معتمد على السيرة النبوية والصحابة الذين قال عنهم إنهم كانوا يضيقون اللباس في وقت الحرب. وقد قيد ضيق اللباس بهدف المنفعة كالخدعة أو دفع البرد وليس التشبه بالأعداء. ومن الجدير بالذكر هنا هو أنه قال إن (الكفار) هم الذين كانوا يجررون الثياب. وقد قال بأن (الأفضل أن يكون منتهى طول الثياب إلى نصف الساق، وأن الزيادة على ذلك منتهى الكعب مرخص فيها من غير تضييق ولا تأثيم، وأن ما أسفل الكعبين غير مرخص فيه بل متوعد عليه بالنار). وقد اعتمد في بعض أخبار هذا الفصل على رأي جده المذكور. كما اعتمد عليه في حديثه عن تعيين مواقف الجند (¬25) ولا تكاد شخصية ابن العنابي تظهر هنا أيضا، فالفصل كله عبارة عن مستخرجات من حافظته، مع الإشارة إلى النهي عن تزحزح الجندي من مكانه واستعجاله الغنيمة قبل الانتهاء من المهمة المسندة إليه. ونفس الشيء تقريبا اتبعه في عقد الألوية والرايات (¬26) فقد اكتفى بتعريف اللواء بأنه علم صغير بخلاف الراية التي هي علم أكبر من اللواء وأصغر من البندق أو البيذق). وتمشيا
¬__________
(¬24) نفس المصدر، الفصل السابع.
(¬25) نفس المصدر، الفصل الثامن.
(¬26) نفس المصدر، الفصل التاسع.

الصفحة 70