كتاب نيل الابتهاج بتطريز الديباج

التصوف لشيخه ابن عقبة، والنصحية الكافية لمن خصه اللَّه بالعافية ومختصره، وإعانة التوجه المسكين على طريق الفتح والتمكين، وكتاب القواعد في التصوف وهذه الثلاثة في غاية النبل والحسن سيما الأخير لا نظير له وكتاب النصح الأنفع والجنة للمعتصم من البدع بالسنة، وكتاب عدة المريد الصادق من أسباب المقت في بيان الطريق و"ذكر حوادث الوقت" كتاب جليل فيه مائة فصل بين فيه البدع التي يفعلها فقراء الصوفية، وله تعليق لطيف على البخاري قدر عشرين كراسًا اقتصر فيه على ضبط الألفاظ وتفسيرها، وجزء صغير في علم الحديث، وله رسائل كثيرة لأصحابه مشتملة على حكم ومواعظ وآداب ولطائف الخصوف مع الاختصار قلّ أن توجد لغيره، وبالجملة فقدره فوق ما يذكر ومن تفرغ فذكر حاله وفوائده وحكمه ورسائله جمع منها مجلدًا، ولعلنا نفردها بتأليف إن يسره اللَّه تعالى.
وهو آخر أئمة الصوفية المحققين الجامعين لعلمي الحقيقة والشريعة له كرامات عديدة وحج مرات، وأخذ عنه جماعة من الأئمة كالشمس اللقاني والعالم محمد بن عبد الرحمن الحطاب والزين طاهر القسنطيني وغيرهم، وقد أجازني سيدي الشيخ الصوفي أحمد بن أبي القاسم الهروي التادلي ما أجازه شيخه التعريف الخروبي تلميذ زروق عنه. توفي بتكرين من عمل طرابلس في صفر عام تسعة وتسعين وثمانمائة ووجدت منسوبًا إليه من نظمه قوله (¬1):
ألا قَدْ هجرتُ الخلقَ طُرًا بأسرِهمْ ... لعلِّي أرى محبوبَ قَلْبي بمقلتي
وخلَّفْتُ أصحابي وأهلي وجيرتي ... وَيَتَّمْتُ نَجْلي واعتزلتُ عشيرتي
ووجهتُ وجهي للذي فَطرَ السَّما .... وأعرضتُ عن أفلاكها المستنيرة
وعلقتُ قلبي بالمعالي تَهَمُّمًا ... وكوشفثُ بالتحقيق من غير مريةٍ
وقُلَّدتُ سيفَ العزِّ في مجمع الوغى ... وصرتُ إمامَ الوقتِ صاحبَ رفعةٍ
ومُلِّكتُ أرض الغربِ طُرًا بأسْرِها ... وكلُّ بلاد الشَّرق في طيِّ قبضتي
فملكنيها بعضُ من كانَ عارفًا ... وخلفني فيها بأحسنِ سيرةِ
¬__________
(¬1) نفى الدكتور علي فهمي خشيم نسبة هذه القصيدة إلى زروق (أحمد زروق ص 86)، وهو في ذلك مصيب لمخالفتها لمنهجه الصوفي المنكر لهذه الدعاوى.

الصفحة 132