كتاب نيل الابتهاج بتطريز الديباج

سمرة "لا يقوم -صلى اللَّه عليه وسلم- من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع، وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية ويضحكون ويتبسمون". وفي أبي داود من حديث ابن عمر كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح (*) وقال: والجاهل بالتاريخ راكب عمياء، وخابط خبط عشواء، ينسب إلى من تقدم أخبار من تأخر، ويعكس ذلك ولا يتدبر. ولقد رأيت مجلسًا جمع ثلاثة عشر مدرسًا، ومنهم قاضي قضاة ذلك الزمان، وغيره من الأعيان، فجرى بينهم وأنا أسمع ذكر من تحرم عليه الصدقة، وهم ذوو القربى المذكورون في القرآن، فقالوا: هم بنو عبد المطلب وأن عبد المطلب هو هاشم، فما أحقهم بلوم كل لائم! إذ هو أصل من أصول الشريعة أهملوه، وباب من أبواب العلم أغفلوه اهـ.
وقال من فوائد التاريخ واقعة رئيس الرؤساء مع اليهودي الذي أظهر كتابًا فيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بإسقاط الجزية عن أهل خيبر وفيه شهادة الصحابة منهم علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- فحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء، ووقع الناس في حيرة عظيمة من شأنه، فعرض على الحافظ أبي بكر الخطيب (¬1) فتأمله وقال: هذا مزور فقيل: من أين ذلك؟ فقال: فيه شهادة معاوية، وهو أسلم عام الفتح، وفح خيبر سنة سبع، وشهادة سعد بن معاذ، وسعد مات يوم بني قريظة قبل فتح خيبر، ففرج بذلك عن الناس غمًا- اهـ. قال الجلال السيوطي بعد نقله ما تقدم: وقال الولي العراقي (¬2): قد وقع الاستدلال بالتاريخ في الكتاب العزيز، قال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
¬__________
(*) في (و): لايقوم إلّا إلى عظيم صلاة. وأنشد لبعض الفضلاء:
كتابٌ أطارحه مُؤنسٌ ... أحَبُّ إليَّ من الآنسهْ
أدارسُهُ فيريني القرو ... ن، حضورًا وأعظمهم دارسهْ
(¬1) هو أحمد بن علي بن ثابت البغدادي (ت 463 هـ). انظر ترجمته في: طبقات الحفاظ 434، معجم الأدباء 1: 248، طبقات الشافعية 3: 12، النجوم الزاهرة 5: 87، سير أعلام النبلاء واللباب 1: 380، وابن عساكر 1: 398، وابن الوردي 1: 374.
(¬2) ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين المعروف بابن العراقي (ت 826) انظر ترجمته في: الضوء اللامع 1: 336، البدر الطالع 1: 72، المنهل الصافي 1/ 312، الشذرات 7: 137، حسن المحاضرة: 1: 206.

الصفحة 30