كتاب نيل الابتهاج بتطريز الديباج

المرسلة، ولا شك عندنا في جوازه وظهور مصلحته في بلاد الأندلس في زماننا الآن لكثرة الحاجة لما يأخذه العدو من المسلمين سوى ما يحتاج إليه الناس وضعف بيت المال الآن عنه، فهذا يقطع بجوازه الآن في الأندلس، وإنما النظر في القدر المحتاج إليه من ذلك، وذلك موكول إلى الإمام.
ثم قال أثناء كلامه: ولعلك تقول كما قال القائل لمن أجاز شرب العصير بعد كثرة طبخه وصار ربًا أحللتها واللَّه يا عمر يعني هذا القائل أحللت الخمر بالاستجرار إلى نقص الطبخ حتى تحل الخمر بمقالك، فإني أقول كما قال عمر -رضي اللَّه عنه-: واللَّه لا أحل شيئًا حرمه اللَّه ولا أحّرم شيئًا أحله اللَّه، وإن الحق أحق أن يتبع، ومن يتعدَّ حدود اللَّه فقد ظلم نفسه. وكان خراج بناء السور في بعض مواضع الأندلس في زمانه موظفًا على أهل الموضع فسئل عنه إمام الوقت في الفتيا بالأندلس الأستاذ الشهير أبو سعيد بن لب فأفتى أنه لا يجوز ولا يسوغ، وأفتى صاحب الترجمة بسوغه، مستندًا فيه إلى المصلحة المرسلة، معتمدًا في ذلك إلى قيام المصلحة التي إن لم يقم بها الناس فيعطونها من عندهم ضاعت. وقد تكلم على المسألة الإمام الغزالي في كتابه فاستوفى، ووقع لابن الفراء في ذلك مع سلطان وقته وفقهائها كلام مشهور لا نطيل به.
وكتب جوابًا لبعض أصحابه في دفع الوسواس العارض في الطهارة وغيرها: وصلني كتابكم فيما به الوسواس، فهذا أمر عظيم في نفسه، وأنفع شيء فيه المشافهة، وأقرب ما أجد الآن أن تنظروا من إخوانكم من تدلون عليه وترضون دينه، ويعمل بصلب الفقه ولا يكون فيه وسوسة فتجعلونه إمامكم، على شرط أن لا تخالفوه، وإن اعتقدتم أن الفقه عندكم بخلافه، فإذا فعلتموه رجوت لكم النفع وأن تواظبوا على قول: "اللهم اجعل لي نفسًا مطمئنة تؤمن بلقائك، وتقنع بعطائك، وترضى بقضائك، وتخشاك حق خشيتك، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم" فإنه نافع للوسواس، كما رأيته في بعض المنقولات.
وكان يقول: لا يحصل الوثوق والتحقيق بشأن الرواية في الأكيال المنقولة

الصفحة 51