كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وكان صلى الله عليه وسلم عندما يُسأل عنها يُجيب بذكر بعض أماراتها، فلا يَعلمُ أحدٌ غير الله في أيِّ سنة وفي أيِّ شهر وفي أيِّ يوم من الشهر يكون قيامها، وقد جاء في السُّنَّة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّها تقوم يوم الجمعة، قال: "خيرُ يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه أُدخلَ الجنَّة، وفيه أُخرجَ منها، ولا تقوم الساعةُ إلاَّ في يوم الجمعة" رواه مسلم (854) .
2 والساعةُ تُطلقُ ويُراد بها الموت عند النفخ في الصور، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعة إلاَّ على شرار الناس" رواه مسلم (2949) وكلُّ مَن مات قبل ذلك فقد جاءت ساعتُه وقامت قيامتُه، وانتقل من دار العمل إلى دار الجزاء.
وتُطلقُ ويُرادُ بها البعث، كما قال الله عزَّ وجلَّ في آل فرعون {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} ، وقال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} ، وهم إنَّما أنكروا البعثَ كما قال الله عزَّ وجلَّ: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}
3 قوله: "وأنَّ السَّاعةَ آتيَةٌ لا رَيْبَ فيها، وأنَّ اللهَ يَبعَثُ مَن يَموتُ، كما بدأَهم يعودون"، قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} ، وقال: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا} ، وقال {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} ، وقد نصَّ في هذه الآية على بعث مَن في القبور؛ إذ الغالب على الناس أنَّهم يُدفنون في القبور،

الصفحة 115