كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

لذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أنَّ رسول الله قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعونِي على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببُهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمَن وفَّى منكم فأجره على الله، ومَن أصاب من ذلك شيئاً فعُوقب به في الدنيا فهو كفَّارةٌ له، ومَن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستَرَه الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك" رواه البخاري (18) ، ومسلم (1709) .
3 الصغائرُ تُكفَّرُ بالأعمال الصالحة وباجتناب الكبائر، قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} .
وروى مسلم في صحيحه (228) عن عثمان بن عفَّان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاةٌ مكتوبة، فيُحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلاَّ كانت كفَّارةً لِما قبلها من الذنوب ما لَم يؤت كبيرة، وذلك الدَّهر كلّه".
وروى مسلم أيضاً (233) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات ما بينهنَّ إذا اجتُنبت الكبائر".
والصغيرةُ تضخم وتعظم إذا أُصِرَّ عليها، والكبيرةُ تتضاءل وتتلاشى إذا نُدم على فعلها، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار".
4 إذا مات المسلمُ مرتكباً كبيرةً ولم يَتُبْ منها، فإنَّ أمرَه إلى الله عزَّ وجلَّ، إن شاء عذَّبه وإن شاء عفا عنه، قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ

الصفحة 122