كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} ، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت الذي تقدَّم قريباً: ". . . ومَن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستَرَه الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه".
17 قوله: "ومَن عاقَبَه اللهُ بنارِه أخرجه مِنها بإيمانِه، فأدخَلَه به جَنَّتَه {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} ، ويُخرِجُ منها بشفاعَة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَن شَفَعَ لَه مِن أهلِ الكبائِر مِن أمَّتِه".
مَن ارتكب كبيرةً وتاب منها تاب الله عليه، ومَن ارتكب كبيرةً ومات من غير توبة فأمرُه إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذَّبه، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، والذين يدخلون النارَ صنفان:
أحدهما: الكفَّار، وهؤلاء يبقون في النار أبد الآباد، لا سبيل لهم إلى الخروج منها، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} ، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} .
والصنف الثاني: مسلمون عُصاة، وهؤلاء إذا دخلوا النارَ عُذِّبوا فيها على قدر جُرمهم، ثم يخرجون منها بما عندهم من الإيمان وشفاعة الشافعين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُدخل اللهُ أهلَ الجنَّة الجنَّة، يُدخلُ مَن يشاء برحمته، ويُدخل أهلَ النار النار، ثم يقول: انظروا مَن وجدتُم في قلبه
الصفحة 123
193