كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

المؤمنين؟ قالوا: أربعاً، فصلّى أربعاً، قال: فقلنا: ألم تُحدِّثْنا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلّى ركعتين، وأبا بكر صلّى ركعتين، فقال: بلى! وأنا أُحدِّثكموها الآن، ولكنَّ عثمان كان إماماً فما أخالفه، والخلافُ شرٌّ".
وهو عند أبي داود (1960) ، ورواه البيهقي مِن طريقه (3/143) ، وفي إسناده مَن أُبهم، وعند البيهقي من طريقٍ أخرى فيها مَن أُبهم، وفيها: "قال: إنِّي أكرهُ الخلافَ". وإتمامُ الصلاة في السّفر خلافُ الأَوْلى، قد فعله ابنُ مسعود تركاً لمخالفة عثمان.
وفي صحيح البخاري (956) ومسلم (889) في قصَّة بَدْء مرْوان بالخُطبة يومَ العيد قبل الصلاة، وإنكارِ أبي سعيد الخدري عليه ذلك، ذكر الحافظ في الفتح (2/450) مِن فوائد الحديث: "جوازُ عمل العالم بخلاف الأَوْلى إذا لم يوافقْه الحاكمُ على الأَوْلى؛ لأنَّ أبا سعيد حضر الخطبةَ ولم ينصرفْ، فيُستدلُّ به على أنَّ البداءة بالصلاة فيها ليس بشرطٍ في صحَّتِها، والله أعلم".
وقال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/117) : "وأمَّا السمعُ والطاعةُ لوُلاة أمور المسلمين، ففيها سعادةُ الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشِهم، وبها يستعينون على إظهار طاعة ربِّهم".
5 مِن النُّصح للوُلاة الدعاءُ لهم وعدمُ الدعاء عليهم، وهي طريقةُ أهل السنَّة والجماعة، قال شيخُ الإسلام ابن تيمية في السياسة الشرعيَّة (ص129) : "ولهذا كان السَّلَفُ كالفُضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما يقولون: لو كان لنا دعوةٌ مجابةٌ لدعونا بها للسلطان".
وقال الشيخ أبو محمد الحسن البربهاري في كتابه شرح السنَّة (ص116) : "وإذا رأيتَ الرَّجلَ يدعو على السلطان فاعلم أنَّه صاحبُ هوى، وإذا

الصفحة 175