كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

معتقد توفي صاحبُه في القرن الرابع، وقد رجع عنه، وليس من المعقول أنَّ يُحجب حقٌّ عن الصحابة والتابعين وأتباعهم، ثم يكون في اتِّباع اعتقاد حصلت ولادتُه بعد أزمانهم.
الثالث: أنَّ مذهب الأشاعرة إنَّما يعتقده الذين تعلَّموه في مؤسَّسات علمية، أو تعلَّموه من مشايخ كانوا على مذهب الأشاعرة، وأمَّا العوام– وهم الأكثرية – فلا يعرفون شيئاً عن مذهب الأشعرية، وإنَّما هم على الفطرة التي دلَّ عليها اعتقاد الجارية في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، وقد تقدَّم.
والعقيدة المطابقة للفطرة هي عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، وقد مرَّ إيضاحُ ذلك قريباً في الفائدة الثالثة.
الفائدة التاسعة: عقيدة الأئمَّة الأربعة ومَن تفقَّه بمذاهبهم
من أئمَّة أهل السُّنَّة الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله، وعقيدتُهم هي عقيدة السَّلف من الصحابة ومَن سار على نهجهم.
وأمَّا المشتغلون بالفقه بعدهم، فمنهم من يستفيدُ من علمهم في الفروع، ويُعوِّل على ما دلَّ عليه الدليل؛ أخذاً بوصايا الأئمَّة أنفسهم، فإنَّ كلَّ واحد منهم جاء عنه الأمرُ باتِّباع الدليل، وتركِ قوله إذا كان الدليلُ على خلافه، وهؤلاء موافقون لهم في العقيدة.

الصفحة 36