كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

فصل في الإيمان بالقدر خيره وشرِّه
وبالقضاء وبالأقدار أجمعها ... إيمانُنا واجبٌ شرعاً كما ذكرَا
فكلُّ شيء قضاه الله في أزَل ... طرًّا وفي لوحه المحفوظ قد سطرَا
وكلُّ ما كان من همٍّ ومن فرَح ... ومن ضلال ومن شكران مَن شَكَرَا
فإنَّه من قضاء الله قدَّره ... فلا تكن أنت مِمَّن ينكر القَدَرَا
والله خالقُ أفعال العباد وما ... يجري عليهم فعن أمر الإلَه جَرَا
ففي يديه مقادير الأمور وعن ... قضائه كلُّ شيء في الورى صَدَرَا
فمَن هَدى فبمحض الفضل وفَّقه ... ومن أضلَّ بعدل منه قد كفرَا
فليس في مُلكه شيءٌ يكون سوى ... ما شاءه الله نفعاً كان أو ضررَا
فصلٌ في عذاب القبر وفتنته
ولم تَمُت قطُّ من نفس وما قُتلت ... من قبل إكمالها الرِّزق الذي قُدرَا
وكلُّ روح رسولُ الموت يَقبضُها ... بإذن مولاه إذ تستكمل العُمُرَا
وكلُّ من مات مسئولٌ ومفتتنٌ ... من حين يوضَعُ مقبوراً ليُختبَرَا
وأنَّ أرواحَ أصحاب السعادة في ... جنَّات عدن كطير يعلق الشَّجَرَا
لكنَّما الشُّهَدا أحيا وأنفسهم ... في جوف طير حسان تُعجب النَّظَرَا
وأنَّها في جنان الخلد سارحةٌ ... من كلِّ ما تشتهي تجنِي بها الثَّمَرَا
وأنَّ أرواح من يشقى معذَّبةٌ ... حتَّى تكون مع الجُثمان فِي سَقَرَا

الصفحة 51