كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ َمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} ، وقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
وقوله: "ولا يتفكَّرون في ماهية ذاته" الله عزَّ وجلَّ بذاته وصفاته الخالق، وما سواه مخلوق، وقد مرَّ في كلام ابن أبي زيد – رحمه الله – التفويضُ لكيفية الصفات، وأنَّه لا يبلغ كُنْهَ صفته الواصفون، وكما أنَّه لا يجوز البحثُ في كيفية الصفات، فكذلك لا يجوزُ البحثُ في كيفية الذات، ولهذا قال هنا: "ولا يتفكَّرون في ماهية ذاته" أي حقيقتها والكيفية التي هي عليها.
4 قوله: " {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ".
هذه الجمل الأربع قطعةٌ من آية الكرسي المشتملة على عشر جمل، ومثلها في الاشتمال على عشر جمل قول الله عزَّ وجلَّ: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ

الصفحة 68