كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
5 قوله: "العالِمُ الخبيرُ، المُدَبِّرُ القَدِيرُ، السَّمِيعُ البصيرُ، العَلِيُّ الكَبيرُ".
العليم الخبير اسمان من أسماء الله يدلاَّن على صفتَي العلم والخبرة، وهما متقاربان في المعنى، وجاء في بعض النُّسخ: "العليم" بدل "العالِم"، و"العليم" أولَى لأمرين:
الأول: أنَّ "العليم" جاء في القرآن كثيراً مطلقاً غير مقيَّد، وأمَّا "العالِم" فيأتي في القرآن مقيَّداً بعلم الغيب، كقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} ، وقوله: {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} .
والثاني: أنَّه يأتي في القرآن كثيراً اقترانُ اسم "العليم" باسم "الخبير" مع تقدُّم اسم "العليم" كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ، وقال: {قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} .
وقوله: "المدبِّرُ القدير" القدير اسمٌ من أسماء الله يدلُّ على صفة من صفات الله، وهي القدرة، قال الله عزَّ وجلَّ: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وقدرة الله عامَّةٌ لكلِّ شيء، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} ، وقال: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} ، وقال: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}
وأمَّا المُدبِّرُ فلا أعلمُ ما يدلُّ على أنَّه من أسماء الله، وقد جاء وصفُ الله
الصفحة 72
193