كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
9 قوله: "وله الأسماء الحُسنى والصِّفاتُ العُلَى".
1 أسماءُ الله وصفاته من علم الغيب التي لا يجوز الكلام فيها إلاَّ بما جاء به الوحي من كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيُثبَتُ لله عزَّ وجلَّ ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على ما يليق به سبحانه وتعالى دون تكييف وتمثيل، ودون تحريف وتعطيل، مع تنْزيهه عن كلِّ ما لا يليق به، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
2 جاء في القرآن الكريم إثباتُ الأسماء لله عزَّ وجلَّ، ووَصْفُها بأنَّها حُسنَى، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ، وقال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ، وقال: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}
ومعنى كون أسماء الله حُسنَى أنَّها بلغت في الحُسن غايته ونهايته، فلا تُوصَف أسماء الله بأنَّها حسنة فحسب، بل تُوصَف بأنَّها حُسنَى، كما جاء في هذه الآيات الكريمات.
3 أسماءُ الله كلُّها مشتقَّةٌ، تدلُّ على معان هي صفات، فالعزيزُ يدلُّ على العزَّة، والحكيم يدلُّ على الحكمة، والكريم يدلُّ على الكَرَم، والعظيمُ يدلُّ على العَظمة، واللَّطيف يدلُّ على اللُّطف، والرحمن والرَّحيم يدلاَّن على الرَّحمة، وهكذا.
وليس في أسماء الله اسمٌ جامد، وما ذكره بعضُ أهل العلم من أنَّ من أسماء الله "الدَّهر" فغيرُ صحيح؛ فإنَّ الحديثَ القدسي: "يُؤذينِي ابنُ آدم يَسبُّ الدَّهر، وأنا الدَّهر، بيدي الأمر، أُقلِّب اللَّيلَ والنَّهار" رواه البخاري (4826) ومسلم (2246) ، لا يدلُّ على أنَّ من أسماء الله الدَّهر؛ لأنَّ
الصفحة 82
193