كتاب قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
10 قوله: "لَم يَزَل بِجَميعِ صفاتِه وأسمائِه، تَعالى أن تكونَ صفاتُه مَخلوقَةً، وأسماؤُه مُحْدَثَةً".
الله عزَّ وجلَّ متَّصفٌ بصفاته، متَسَمٍّ بأسمائه أزَلاً وأبداً، فلَم يتَسمَّ باسم بعد أن كان غيرَ متَسَمٍّ به.
وأمَّا صفات الله عزَّ وجلَّ، فهي تنقسمُ إلى قسمين:
صفات ذاتية قائمة بالذات، لازمة لها أزَلاً وأبداً، ولا تتعلَّق بمشيئة وإرادة، كالوجه واليد والحياة والعلم والسَّمع والبصر والعلو.
وصفات فعليَّة متعلِّقة بالمشيئة والإرادة، كالخَلْق والرَّزق والاستواء والنُزول والمجيء، وهذه الصفات نوعُها قديمٌ، وآحادها حادثة، وهو متَّصفٌ بصفَتَي الخلْق والرَّزق أزَلاً، لم يكن غيرَ متَّصف بهاتين الصفتين ثمَّ اتَّصف بهما، والاستواء على العرش حصل بعد خلق السموات والأرض، والنُزول إلى السماء الدنيا حصل بعد خلق السموات والأرض، والمجيئ في قول الله عزَّ وجلَّ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} يَحصلُ يوم القيامة لفصل القضاء بين العباد، واتِّصافُه بكونه يفعل ما يريد قديمُ النَّوع، وهذه الأفعال من الآحاد التي حصلت في الأوقات التي شاء الله فعلَها فيها، والله تعالى بذاته وصفاته هو الخالق، ومَن سواه مخلوق، فليس في صفاته شيءٌ مخلوق، وأسماؤه لا بداية للتَّسَمِّي بها، فهي غير مُحدَثة.
الصفحة 93
193