كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وبلده مكة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تقدم ذلك، ومن الأدلة على هذا قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} 1، والعطف يقتضي المغايرة، وكذلك مجيء "لا" في قوله: "ولا نبي" فهذا يدل على أن النبي غير الرسول.
قوله: "وبلده مكة"، أي: ولد فيها، ونشأ بها إلا المدة التي أقامها عند مرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية في بادية بني سعد، ثم رجع إليها في حضانة جده عبد المطلب ثم عمه أبي طالب؛ لأن أمه آمنة بنت وهب ماتت وعمره ست سنين، وبقي في مكة ثلاث عشرة سنة بعد أن أوحى إليه.
قوله: "وهاجر إلى المدينة" الهجرة يأتي الكلام عليها إن شاء الله. والمدينة اسم غالب لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيرها من المدن كالنجم للثريا. وابن عباس لعبد الله دون إخوته من أولاد العباس.
وقد روى أبو موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب" 2!!!
وكانت هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة –فيما يظهر- فراراً من أذى
__________
1 سورة الحج، الآية: 52.
2 أخرجه البخاري: "6/627"، "7/226-فتح"، ومسلم: "رقم2272"، وقوله: "وهلي" بفتح الواو والهاء، أي: ظني، وقوله: "فإذا هي المدينة يثرب" كان ذلك قبل أن يسميها صلى الله عليه وسلم طيبة.

الصفحة 160