كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إِلَى التَّوْحِيدِ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المشركين، وطلباً للنجاة بالدين، والتماساً لمكان تنمو فيه الدعوة، وتؤتي أكلها، حتى يقوي ساعدها ويشتد أزرها؛ وذلك بعد أن تابعته الأنصار على الإسلام وبايعوه على النصر والمؤازرة.
ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم في غير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، خافوا من انتشار دعوته، ومحاربته لهم فعزموا أصحابه من المهاجرين إليهم، خافوا ذلك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم برعاية الله تعالى وحفظه، ومعه أبو بكر رضي الله عنه وتغيباً في غار ثور –جبل بأسفل مكة- ثم سارا إلى المدينة فوصلاها وفرحت بذلك الأنصار فرحاً عظيماً، وكل ذلك مدون في السيرة.
قوله: "بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد" هذا الأمر الرابع مما يتعلق بمعرفة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معرفة ما بعث به، وهذا أعظمها وأعلاها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى ينذر عن الشرك، ويدعو إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته. والإنذار بمعنى: التحذير.
والمنذر: المحذر. وأصل الإنذار: الإبلاغ، ولا يكون إلا في التخويف.
قوله: "وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} 1"، أي:
__________
1 سورة المدثر، الآيات: 1-7.

الصفحة 161