كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} .
قال البغوي رحمه الله: "سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة لم يُهَاجِرُوا، نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الإِيمَانِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغربها".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثاً: أن هذه الأسفار لا تسلم غالباً من الإسراف في النفقات المالية، وهذا فيه إنعاش لاقتصادهم وتقوية لهم.
رابعاً: شعور الإنسان الذي يقيم بأنه كفرد منهم له ما لهم وعليه ما عليهم. أضف إلى هذا أن أهله من النساء والأطفال –إن كانوا معه- يتأثرون بأخلاق أهل تلك البلاد؛ لأن المرأة والطفل والشاب أسرع تأثراً وأكثر إعجاباً بما عليه الآخرون.
قوله: "وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} 1. قال البغوي رحمه الله: "سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة لم يهاجروا، ناداهم الله باسم الإيمان" هذا دليل على أن الذي يترك الهجرة ليس كافراً؛ لأن الله تعالى قال: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} ، ولو كانوا كفاراً ما ناداهم باسم الإيمان. وقد تقدم في كلام العلماء كابن كثير والشوكاني أن تارك الهجرة يعتبر عاصياً ظالماً لنفسه. وكلام البغوي هذا لخصه الشيخ رحمه الله مما حكاه البغوي رحمه الله عن جماعة من السلف2.
__________
1 سورة العنكبوت، الآية: 56.
2 "تفسير البغوي": "3/372".

الصفحة 177