كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما له من السيئات التي أعظمها سيئة الكفر. أقول: محاسبة الكافر وراءها حكم عظيمة، منها:
أولاً: إقامة الحجة على الكفار وإظهار عدل الله سبحانه وتعالى فيهم.
ثانياً: محاسبة الكفار فيها توبيخ وتقريع لهم.
ثالثاً: لأن الكفار على أرجح الأقوال مخاطبون بالأوامر والنواهي كما دلت على ذلك النصوص الشرعية.
رابعاً: لأن الكفار يتفاوتون في الكفر، والنار دركات.
ومما يدل على أن الكفار محاسبون قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} 1، فهذا يدل على أنهم محاسبون ومسئولون، وقال تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ} 2، فقوله: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} دليل على أن الكفار يحاسبون3.
وقوله: "وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} 4"، أي: أن الله تعالى لا يظلم أحداً فيجزي الذين
__________
1 سورة القصص، الآية: 62.
2 سورة المؤمنون، الآيات: 103، 105.
3 انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" عند الحديث "رقم 2808"، "مجموع الفتاوى": "4/305"، "فتح الباري" "9/145".
4 سورة النجم، الآية: 31.

الصفحة 191