كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أساءوا بإساءتهم، وأما عملوا الحسنى فهؤلاء جزاؤهم الحسنى، فلما أحسنوا العمل أحسن الله مثوبتهم وجزاءهم. فهذه الآية من الآيات الدالة على ثبوت الحساب، والآيات التي بمعناها كثيرة كقوله تعالى: {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} 1. ومن النصوص أيضاً ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حساباً يسيراً" فقالت عائشة رضي الله عنها: وما الحساب اليسير؟ قال: "أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه" 2.
قوله: "ومن كذب بالبعث كفر"، أي: لأنه مكذب لله ورسوله حيث إن القرآن دل في آيات كثيرة على ثبوت البعث، فالذي يكذب بالبعث مكذب للقرآن، من كذب القرآن فهو مكذب لله تعالى؛ فيحكم بكفره، ومكذب أيضاً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النصوص ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بوقوع البعث وهو مخالف لإجماع المسلمين.
قوله: "وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} 3" أي: الدليل على أن التكذيب بالبعث كفر قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... } ووجه الدلالة أن الله تعالى كفرهم بإنكارهم البعث وسمى مقالتهم زعماً؛
__________
1 سورة طه، الآية: 15.
2 أخرجه أحمد: "6/48"، قال ابن كثير في تفسيره" 8/379" "صحيح على شرط المسلم".
3 سورة التغابن، الآية: 7.

الصفحة 192