كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فدل ذلك على من أنكره فهو كافر، وإنما زعموا أنهم لن يبعثوا؛ لأنهم قالوا: إن البعث غير ممكن كما قال الله عنهم: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} 1، ومعنى: {ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} ، أي: ضاعت أجسامنا وعظامنا واختلطت بالأرض وصارت رفاتاً.
وهم يزعمون أن الله تعالى لا يقدر على بعثهم بعد هذا كما قال تعالى عن بعض كفار قريش: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} 2، وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم وفته في وجهه ونفخه. وقال: أتزعم يا محمد أن الله يحي هذا بعد ما أرم –يعني: بعدما فني فصار تراباً- قال: "نعم ويدخلك النار" 3 فهذه هي شبهة الكفار، فإنهم يقولون: إن الله تعالى غير قادر على أن يحييها ويعيدها مرة أخرى وهي على هذه الحال. وقد أكثر القرآن الكريم من ذكر البعث في آيات كثيرة وتنوعت الأساليب في القرآن في موضوع الإقناع بالبعث. وقد جاء في القرآن براهين عقلية تدل على وقوع البعث وخلاصة الأدلة على وقوع البعث كما يلي:
الدليل الأول: إخبار العليم الخبير بوقوع يوم القيامة، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وجاء هذا الإخبار في القرآن الكريم بأساليب متنوعة ليكون أوقع في النفوس وأقرب إلى القبول.
الدليل الثاني: أن القادر على الخلق الأول قادر على الخلق الثاني كما
__________
1 سورة السجدة، الآية: 10.
2 سورة يس، الآية: 78.
3 انظر "تفسير ابن كثير": "6/579".

الصفحة 193