كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وكل أمة بعث الله إليهم رسولاً من نوح إلى محمد يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطاغوت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإنما هو من أنبياء بني إسرائيل. وفي حديث المعراج ما يدل على أن إدريس من أنبياء بني إسرائيل وأن رسالته متأخرة. وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما مر على إدريس عليه السلام في السماء الرابعة وسلم عليه قال له: أهلاً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قالوا: ولو كان جداً لنوح لقال للنبي صلى الله عليه وسلم: الابن الصالح. وإن كان الحافظ ابن حجر قال: إن هذا لا يلزم؛ لأنه قد يكون قاله من باب التواضع1 لكن على أي حال يصلح أن يتمسك به. وخلاصة المسألة أنه لم تثبت الأولية بأدلة قوية إلا لنوح عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.
والمصنف ساق الدليل على أولية نوح صلى الله عليه وسلم وترك الدليل على أن محمداً آخرهم لوضوحه وهو قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} 2.
قوله: "وكل أمة بعث الله إليهم رسولاً من نوح إلى محمد يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطاغوت"، يعني: يأمرهم بالتوحيد؛ لأن التوحيد يجمع أمرين:
الأول: عبادة الله وحده.
الثاني: النهي عن عبادة الطاغوت. فكل أمة من الأمم السابقة بعث الله إليها رسولاً يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وترك عبادة ما سواه فمن كفر
__________
1 "فتح الباري": "6/374".
2 سورة الأحزاب، الآية: 40.

الصفحة 198