كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ظلماً؛ لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه. ومن حيث إنه خروج عن شرع الله تعالى يكون فسقاً؛ لأن الفسق معناه: الخروج. ولا مانع أن الأوصاف هذه تنطبق على ذات واحدة؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} 1 يعني: الكافر يوصف بأنه ظالم. وقال تعالى: {وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} 2 فوصفوا مع الكفر بالفسق. فقد يكون الشخص كافراً ظالماً فاسقاً؛ لأن الله تعالى وصف الكافرين بالظلم ووصفهم بالفسق.
ومن العلماء من قال: إن هذه الأوصاف تتنزل على موصوفين بحسب الحامل على الحكم بغير ما أنزل الله، فإذا حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن حكمه أصلح أو أنه مثل حكم الله تعالى فهذا كافر كفراً يخرج من الملة. أما إذا لم يحكم بما أنزل الله ولم يستخف به ولم يعتقد أن غير حكم الله أحسن فهذا يكون ظالماً. أما إذا حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن حكم الله أنفع وأصلح وأن غيره لا خير في ولكنه حكم من أجل مجاراة للمحكوم له من أجل رشوة أو نحو ذلك فهذا يكون فاسقاً. فعلى هذا القول تنزل الأوصاف على حسب الحامل لهذا الحاكم3.
__________
1 سورة البقرة، الآية: 254.
2 سورة التوبة، الآية: 84.
3 انظر: "تحكيم القوانين" للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، و"مدارج السالكين": "2/266"، و"القول المفيد": "2/266".

الصفحة 203