كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

والدليل قوله تعال: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والدليل قوله تعال: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} 1" ساق المصنف رحمه الله الدليل على أن الله تعالى افترض على العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. أما تعريف الطاغوت وذكر الطواغيت فإن المصنف لم يستدل عليه هنا وقد استدل عليه في رسائل أخرى2. ومعنى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، أي: لظهور أدلة الدين وبراهينه فلا يكره إنسان على أن يعتنق الإسلام وإنما يعتنقه الإنسان بإرادته واختياره ولا منافاة بين هذه الآية والآيات الدالة على وجوب القتال والجهاد؛ لأن هذه الأدلة مراد بها إزالة العوائق في وجه الإسلام فإذا وقف أناس في وجه الإسلام أو قوة وقفت في وجه الإسلام فإنه يشرع القتال ويجب في هذه الحالة لإزالة هذه العوائق لكن لا يُلزم الإنسان بأن يعتنق الإسلام. وهذه الآية فيها خلاف بين المفسرين، فمنهم من ذهب إلى أنها منسوخة بآيات القتال. وضعف هذا المحققون كابن جرير وابن العربي والشوكاني وغيرهم3. ومنهم من قال: إن هذه الآية محكمة وأنها خاصة باليهود والنصارى والمجوس. أما
__________
1 سورة البقرة، الآية: 256.
2 انظر: "مجموعة التوحيد" الرسالة السابعة: "ص260".
3 انظر: "تفسير ابن جرير": "5/407"، و"أحكام القرآن" لابن العربي: "1/233"، و"فتح القدير": "1/275".

الصفحة 204