كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجنة، ومن عصاه دخل النار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القرآن الكريم: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} 1، فالهمل والسدى والعبث بمعنى واحد، وهو المتروك الذي لا يؤمر ولا ينهى، والدليل من السمع على أن الله تعالى لم يتركنا سدى هو ما تقدم.
أما الدليل من العقل فإن الله جل وعلا حكيم، فقد خلقنا ورزقنا، وأرسل إلينا الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وأوجب علينا طاعتهم، وأمرنا بقتال المعاندين، فلو لم يكن هناك حساب ولا عقاب ولا ثواب ولا جزاء؛ لكان هذا من العبث الذي ينزه الله تعالى عنه. فالله تعالى شرع هذه الأمور لمعاد يحاسب عليه الإنسان المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، فهذا الدليل العقلي يدل على أن الله تعالى لم يتركنا هملاً، وأن الجزاء الأخروي تعقبه الحياة الأبدية، وهي الحياة الحقيقية كما في قوله تعالى: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} 2 سماها حياة مع أن الدنيا حياة لكنها حياة إلى زوال وانقضاء، وأما حياة البقاء والخلود فهي الحياة في الدار الآخرة، إما في عذاب سرمدي، وإما في نعيم دائم، -نسأل الله الكريم من فضله-.
قوله: "بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجنة، ومن عصاه دخل النار". هذا دليل على أن الله تعالى لم يتركنا هملاً، والمراد بالرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمراد بقول المصنف "أرسل إلينا"، أي: معشر الأمة، وقد جاء في القرآن الكريم آية عظيمة تبين الغاية من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال
__________
1 سورة المؤمنون، الآية: 115.
2 سورة الفجر، الآية: 24.

الصفحة 31