كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} 1". هذا دليل على المسألة الأخيرة وهي قوله: "بل أرسل إلينا رسولا"، والخطاب في قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ} ، يعني: شاهداً على أعمالكم كما في قوله تعالى: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، وقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً} ، هو موسى عليه الصلاة والسلام وعدم تعيينه؛ لعدم دخوله في التشبيه أو لأنه معلوم غني عن البيان2.
والمقصود من هذه الآية –والله أعليم- تذكير هذه الأمة بهذه النعمة العظيمة، وهي إرسال هذا النبي الكريم وتحذيرها أن تفعل مثل ما فعل قوم فرعون فيصيبهم ما أصابهم. والمعنى: أن الله جل وعلا أرسل إليكم رسولاً كما أرسل إلى فرعون رسولاً فانظروا ماذا كان موفق فرعون وقومه من الرسول؛ لأن سنة الله واحدة لا تتغير ولا تتبدل قال تعالى: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} ، وأصل الوبيل في اللغة بمعنى: الثقيل الشديد، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما3 "تقول
__________
1 سورة المزمل، الآيتان: 15، 16.
2 "روح المعاني": "29/108".
3 أخرجه البخاري: "8/657 الفتح" معلقاً، ووصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

الصفحة 33