كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أقارب الرجل الذين يتكثر بهم"1ا. هـ. وقال الألوسي: "وليس المراد بمن ذكر خصوصهم، وإنما المراد الأقارب مطلقاً، وقدم الآباء لأنه يجب على أبناء طاعتهم ومصاحبتهم في الدنيا بالمعروف، وثنى بالأبناء؛ لأنهم أعلق بهم لكونهم أكبادهم، وثلث بالإخوان؛ لأنهم الناصرون لهم.. وختم بالعشيرة؛ لأن الاعتماد عليهم والتناصر بهم بعد الإخوان غالباً"2.
ثم ذكر سبحانه أنه جازاهم بخمسة أشياء، وبدأ تعالى بألطافه الدنيوية فقال جل وعلا: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ} ، أي: جمعه في قلوبهم وثبته وأرساه، فهي قلوب مؤمنة مخلصة لا تؤثر فيها الشبه ولا الشكوك {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} ، أي: قواهم {بِرُوحٍ مِنْهُ} ، أي بنور وهدى ومدد إلهي، وإحسان رباني، وسماه الله روحاً؛ لأنه للحياة الطيبة. ثم ذكر آثار رحمته الأخروية فقال سبحانه: {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} وهي دار كرامته فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} هذا استئناف جرى مجرى التعليل، والمعنى: أن الله يحل عليهم رضوانه بطاعتهم إياه في الدنيا {وَرَضُوا عَنْهُ} في الآخرة
__________
1 "المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني: "ص335"
2 "روح المعاني": "28/36".

الصفحة 39