كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ وَخَلَقَهُمْ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه من عبادة المخلصين له في عبادتهم، الذين أخلصهم الله، واختارهم، واختصهم لنفسه.
1- من أخلص في عبادة ربه في حرز من الشيطان. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} 1، وقال الشيطان: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} 2.
2- ثبت في حديث عتبان أنه قال: "إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"3.
قوله: "بذلك" اسم إشارة يعود إلى العبادة الخالصة، أي: بإخلاص العبادة "أمر الله جميع الناس" بدليل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} 4.
قوله: "وَخَلَقَهُمْ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 5"، أي: خلقهم لعبادته، وهذه الآية العظيمة بينت الحكمة من خلق الجن والإنس، وهي العبادة، فإن الله جل وعلا ما خلق إلا
__________
1 سورة الحجر، الآية: 42، والإسراء، الآية: 65.
2 سورة ص، الآيتان: 82، 83.
3 انظر: "مجموع الفتاوى: "10/260-261"، والحديث أخرجه البخاري "رقم 42"، ومسلم "رقم 33".
4 سورة الأنبياء، الآية: 25.
5 سورة الذاريات، الآية: 56.

الصفحة 44