كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

وأعظم ما نهى عنه الشرك،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكافرهم، برهم وفاجرهم، من مرض أو فقر أو فقد محبوب ونحو ذلك، والدليل على أن العبادة تكون كونية قول الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} 1، فهذه هي العبودية المقصودة في هذا الباب -التي هي معنى التوحيد-: هي العبادة الشرعية التي لا ينقاد لها إلا المؤمن البر.
قوله: "وأعظم ما نهى عنه الشرك" الشرك في الأصل بمعنى: النصيب، فإذا أشرك مع الله غيره، أي: جعل لغيره نصيباً. وإنما كان الشرك أعظم ما نهى الله عنه؛ لأن أعظم الحقوق حق الله تعالى، وحق الله تعالى إفراده بالعبادة، فإذا أشرك مع الله غيره ضيع أعظم الحقوق. وقد ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت –أو سئل- رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب عند الله أعظم؟ -وفي لفظ: أكبر- قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك ... " 2. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: "أتدري ما حق الله على عباده؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم: "حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ... " 3، فدل هذا على أن الله سبحانه وتعالى له حق العباد، فمن ضيع هذا الحق فقد وقع في تضييع أظم الحقوق.
__________
1 سورة مريم، الآية: 93.
2 أخرجه البخاري: "8/492-فتح"، ومسلم: "رقم86".
3 أخرجه البخاري: "رقم5986"، ومسلم: "رقم48/30".

الصفحة 47