كتاب حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واعتبار شرك النية والقصد من الشرك الأكبر محمول على ما ذكرنا، وهو أن يأتي بأصل العمل رياء أو لأجل الدنيا، ولم يكن مريداً وجه الله تعالى والدار والآخرة. وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن. فإن المؤمن وإن كان ضعيف الإيمان لابد أن يريد الله والدار والآخرة. لكن إن تساوى القصدان أو تقاربا فهذا نقص في الإيمان والتوحيد. وعمله ناقص لفقده كمال الإخلاص. وإن عمل لله وحده وأخلص في عمله إخلاصاً تاماً وأخذ عليه جعلاً معلوماً يستعين به على العمل والدين فهذا لا يضر؛ لأن الله تعالى جعل في الأموال الشرعية كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءاً كبيراً يصرف في مصالح المسلمين1.
3- شرك الطاعة: وهو أن يتخذ له مشرعاً سوى الله تعالى، أو يتخذ شريكاً لله تعالى في التشريع، فيرضى بحكمه، ويدين به في التحليل والتحريم عبادة وتقرباً وقضاءً وفصلاً في الخصومات. والدليل قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 2، ولما سمع عدي بن حاتم رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية قال: "إنا لسنا
__________
1 "القول السديد": "ص128".
2 سورة التوبة، الآية: 31.

الصفحة 49