كتاب الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (اسم الجزء: 1)

من بقي من المسلمين بعد هذين الصنفين الأوَّلين في الإسلام وقسم المال {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 1، فهم جماعة من بقي من أهل الإسلام ومن هو داخل فيه بعد الهجرة الأولى حتى تنقضي الدنيا، ففي الذي علمكم الله من كتابه، والذي سن رسول الله صلى الله عليه وسلم من السنن التي لم تدع شيئاً من دينكم ولا دنياكم نعمة عظيمة وحق واجب في شكر الله، كما هداكم وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون. فليس لأحدٍ في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ولا رأي إلا إنفاذه، والمجاهدة عليه. وأما ما حدث من الأمور التي تبتلى الأئمة بها مما لم يحكمه القرآن ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن والي أمر المسلمين وإمام عامتهم، لا يُقَّدم فيها بين يديه، ولا يُقضى فيها دونه، وعلى من دونه رفعُ ذلك إليه، والتسليم لما قضى.
وقد أحببت في كتابي هذا أن تعرفوا الحال التي كنتم عليها قبل نزول كتاب الله وسنة نبيه من الضلالة، والعمى، وضَنك المعيشة، والذي أبدلكم الله من الكرامة والنصر والعافية، والجماعة، وسلب لكم مما كان في يد غيركم مما لم تكونوا لتسلبوه بقوتكم لو وكلكم إلى أنفسكم، كان
____________________
1 الآية 9و 10 من سورة الحشر.

الصفحة 115