كتاب الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (اسم الجزء: 1)

شك أن ذلك منهي عنه، أما معرفة تفاصيل هذا الركن كما جاء في الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح حتى يتحقق الإيمان ويثمر ثماره المرجوة فلا يدخل في هذا النهي وقد بحث علماء السلف مسألة القدر وبينوا للناس الحق والصواب فيه حتى لا يضلوا، وحتى يكونوا على بصيرة من أمر دينهم.
ويظهر لنا جليا من الآثار السابقة عن عمر أنه إنما منع الخوض في القدر إذا كان ذلك بالباطل كما يفعل غيلان ومن شايعه من القدرية، والمعتزلة. أو كان ذلك في الجانب الخفي من القدر وهو كونه سبحانه وتعالى أضل وهدى وأمات وأحيا ومنع وأعطى، فمحاولة معرفة سر الله في ذلك لا تجوز لأن الله حجب علمها حتى عن أقرب المقربين فمحاولة معرفته عن طريق العقل القاصر منهي عنه لأنه من القول على الله بغير علم. قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} 1،2.
قال النووي: قال أبو المظفر السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة دون محض القياس ومجرد العقول. فمن عدل عن
__________
1 الآية 36 من سورة الإسراء.
2 انظر القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه ص18- 19.

الصفحة 533