كتاب الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (اسم الجزء: 1)

الخاصة بي، فحدثهم بالجفاء فهو أمعن لإقدامهم، وترك الصبحة1 فإن عادتها تكسب الغفلة، وقلة الضحك، فإن الضحك كثرته يميت القلب، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أن حضور المعازف واستماع الأغاني، واللهج بها ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب الماء، ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه. وهو حين يفارقها لا يعتقد بما سمعت أذناه على شيء مما ينتفع به، وليفتتح كل غلام منهم بجزء من القرآن يثبت في قراءته. فإذا فرغ تناول قوسه ونبله وخرج إلى الغرض2، حافيا فرمى سبعة أرشاق3، ثم انصرف إلى القائلة فإن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول: يابني قيلوا4 فإن الشياطين لا تقيل"5.
__________
1 الصبحة: بضم الصاد وفتحها الضحى وتصبَّح نام بالغداة، المصباح المنير ص126
2 الغرض: الهدف الذي يرمى إليه والجمع أغراض. المصباح المنير للفيومي ص169، ط. مكتبة لبنان عام 1990م.
3 الرشق: الرمي والقوم إذا رموا بأجمعهم. المصباح المنير ص87.
4 القيلولة والقائلة: نوم نصف النهار. معجم مقاييس اللغة 5/45.
5 ابن أبي الدنيا: كتاب ذم الملاهي ص50-51، ومن طريقه ابن الجوزي سيرة عمر ص316، وأبو حفص الملاَّء 2/631-632.

الصفحة 61