كتاب الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (اسم الجزء: 1)

فهذه الرسالة تبين المعالم الرئيسة والمبادئ التي يرتكز إليها المؤدب لأولاده وهي بلا شك مستمدة من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، وقد كتب عمر أيضا إلى أستاذه صالح بن كيسان يأمره بتأديبهم، وكل هذا منه -رحمه الله تعالى- يدل على تمسكه بالكتاب والسنة وتربية أبنائه على حبهما، وحب السلف الصالح، ولم يكن اهتمامه بأولاده مقصورا على ناحية التربية والتعليم وإنما حرص على مراقبة كل تصرف من تصرفاتهم وقاسه بمقياس الإسلام، وقد ذكر ابن الجوزي، وابن عبد الحكم1، أمثلة كثيرة من هذه النوع، وقد أثرت هذه التربية السليمة المبنية على الكتاب والسنة، وآتت ثمارها حيث أصبح ابنه عبد الملك بن عمر مستشاره ومعينه على الحق وعلى اتباع السنة، ذكر ابن الجوزي عن بعض مشيخة أهل الشام أنهم كانوا يرون أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة ما رآه من ابنه عبد الملك2، وكان عبد الملك هذا يقول لوالده: يا أبت أقم الحق ولو ساعة من نهار3.
____________________
1 انظر ابن عبد الحكم سيرة عمر ص110و129، وكذلك ص101، وابن الجوزي سيرة عمر ص316-339.
2 ابن الجوزي سيرة عمر ص317.
3 ابن الجوزي سيرة عمر ص320، وانظر كذلك ص322.

الصفحة 62