كتاب البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة

الأرضة بكمالها، بحيث لا يقدر على قراءة شيء منها قال1:
ولم أكن أتهمه بالمقالة المذكورة، إلا أنه كان يحب المداراة، ولقد أظهر لي إنكارها والغض منها2.
ثم ذكر الفاسي أنه ذكر أنه ألف شرح الفاتحة في ليلة واحدة، فكأنه غير المشار إليه. وكذا ألف "ترقيق الأسل" في ليلة عندما سأله بعضهم عن العسل، هل هو قيء النحلة أو خرؤها؟ فكأنه غير المتداول، لكونه في نحو نصف مجلد وأنه وقف على مؤلفه على علم الحديث بخطه، وأنه ذكر في مؤلفه في فضل الحجون من دفن فيه من الصحابة، مع كونهم لم يصرح في تراجمهم من كتب الصحابة بذلك، بل وما رأيت وفاة كلهم بمكة، فإن كان في دفنهم به قول من قال إنهم نزلوا مكة فذلك غير لازم، لكونهم كانوا يدفنون في أماكن متعددة.
وقال أيضا: إن الناس استغربوا منه انتسابه للشيخ أبي إسحاق، وكذا لأبي بكر الصديق.
ولذا قال شيخنا3: لم أزل أسمع مشايخنا يطعنون في انتسابه إلى الشيخ أبي إسحاق مستندين إلى أن أبا إسحاق لم يعقب.
قال: ثم ارتقى درجة فادعى، بعد أن ولي القضاء باليمن بمدة طويلة أنه من ذرية أبي بكر الصديق، وصار يكتب بخطه "محمد الصديقي". ولم يكن مدفوعا عن معرفة، إلا أن النفس تأبى قبول ذلك.
وقال الجمال الخياط فيما نقله عن خط الذهبي في الشيخ أبي إسحاق إنه لم
__________
1 هذا مضمون كلام ابن حجر.
2 جري بين أبي بكر بن محمد بن صالح الجبلي التعزي اليماني المتوفى سنة 811هـ وبين الفيروزآبادي مراجعات بسبب إنكار الأول على المشتغلين بكتب ابن عربي، وصنف في المنع جزءا رد عليه الفيروزآبادي تعصبا مع صوفية زبيد. الضوء اللامع 11/ 78، 79. ولعل هذا الرد هو الرسالة التي صنفها الفيروزآبادي في الانتصار لابن عربي صاحب الفتوحات المكية الموجودة في دار الكتب الظاهرية بدمشق.
3 هو محمد بن عبد الله بن ظهيرة، المتوفى سنة 817هـ. ترجمته في الضوء اللامع 8/ 94-97

الصفحة 23