ولا بأس هنا أن انقل للإخوة القراء ما وصف به الأستاذ نفسه في
هذا الإطار حيث قال:
"وحينما بدات أعوام الستينيات من عمري، حدثتني نفسي بالكص
عن التاليف، وبدء رحلة سمو الروح، والعناية بالأذكار، والاستعداد
للرحيل عن هذا العالم المعاصر، الذي اقبل فيه الناس على المادة والعناية
بها كثر من العناية بشؤون الدين، لميلهم إلى الترف واللهو، والتاثر
بتيارات الحضارة الغربية وموجاتها، التي تغلغلت في زوايا الحياة
الإسلامية فعكَرتها وافسدتها، ولكن وجدت خير سلوة، وأجلى عبادة
روحانية، إنما في الاشتغال بالعلم والفقه، لأنهما طريق العبادة الصحيحة،
وسبيل الظفر برضوان الله تعالى " (1).
ويتابع حفظه الله قائلاَ:
"وسبب هذا الاتجاه انه كفَما تعمق الإنسان في فهم الشريعة
الإسلامية، ازداد حبأ لها، وتقديراَ لمعطياتها، التي تبني الشخصية
المسلمة، وتحافظ عليها.
ئم دفعه حبه هذا إلى العمل المستمر بأحكامها، والتفاني في الدفاع
عن اصالتها وعدالتها، ووجودها وضرورتها وسلامة بنيانها، وأدرك مع
تمام نضجه العلمي واتساع معرفته أنها خيز شامل ل! نسان في كل مكان
وزمان، وانها طريق السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة " (2).
إذاَ فالعمل بالتاليف عند الأستاذ بقصد نفع الآخرين وتبصيرهم
__________
(1) من مقدمة كتابه (الفقه الحنبلي الميسر)، ص 5.
(2) الفقه الحنبلي الميسر، ص 6.
40