كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

من المشروعية والأهمية العلمية، ولكي أقترب أكثر من جدية البحث
العلمي، وابتعد قدر الإمكان عن الدراسة العامة، فقد اخترت دراسة
الشيخ طاهر الجزائري نموذجاً يعبِّر بشكل واضج عن هذا التيار الفكري
الذي انتشر في بلاد الشام خاصةً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر
والربع الأول من القرن العشرين.
-أما مبرراتي الخاصة لدراسة الشيخ طاهر ا لجزا ئري، فهي كما يلي:
1 - يُعدُ الشيخ طاهر أحدَ الشيوخ البارزين، الذين عبَروا بدقة عن
الموقف العام الذي اتخذه العلماء المصلحون في تلك الفترة، والذي
يتقخصُ في الحفاظ على ثوابت ا لإسلام وأسسه، وعلى التمشُكِ بالشخصية
العربية الإسلامية، وبالوقت نفسه ا لانفتاح على الغرب، وا لانتفاع بثمرات
علومه الحديثة. وقد تمثل هذا الموقف على الصعيد السياسي من خلال
الدعوة إلى المحافظة على الخلافة العثمانية، لكنْ في الوقت نفسه الدعوة
إ لى إجراء إصلاحات دستورية وإدارية وفكرية جذرية فيها.
2 - تنؤُع المجالات التي اشتغل بها الشيخ طاهر في حياته، فقد كان
له نشاط بارز، واَثار فعليِّة على الصعيد الديني، والسياسي، والتربوي،
والعلمي، وا لاجتماعي. . .
أذكر على سبيل المثال أنه كان على الصعيد الديني من أنصار ا لاجتهاد
ونبذ التقليد والعصبية بين المذاهب الإسلامية المختلفة، هذا فضلاً عن
دعوته إلى التعاون مع أصحاب الملل ا لأخرى فيما فيه نفع عام للأمة.
اما على الصعيد السياسي، فقد كان له موقفٌ محدد من الدولة
العثمانية قائم من جهة على الدعوة إلى درء الخطر الخارجي عنها او ضمان
بقائها واستمرارها، ومن جهة اخرى يقوم على الدعوة إلى إدخالِ بعض
11

الصفحة 11