كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

ثم اتصل بعد تخرجه من هذه المدرسة بعالم عصرِه الشيخ عبد الغني
الغنيمي الميداني، الذي كان له اكبر الأثر واعمقه في تكوينه العلمي، وفي
توجيهه نحو الإصلاح والقيام بأعبائه (1). ونظراَ لأهمية الأئر الفكري الذي
تركه كل من الشيخ صالح الجزائري والشيخ عبد الغني الميداني في حياة
الشيخ طاهر، فسأفِردُ لكل منهما ترجمةَ خاصة.
أ- الشيخ صالح الجزائري:
ولد الشيخ صالح في وادي بني وغليس قرب بجاية، التي نشا بها،
واخذ عن علمائها، وجد في تحصيل العلوم النقلية والعقلية، ولما احتلت
فرنسة الجزائر عام 1830 م، وتعطلت فيها المساجد ودروس العلم،
وخاف الناس فيها على دينهم وعيالهم، هاجر الشيخ صالح مع الهجرة
الجزائرية الأولى، التي أتت إلى دمشق برئاسة الشيخ محمد المهدي
السكلاوي الزواوي المغربي؟ أحد مشايخ الطريقة الخَلْوَتِئة في الجزائر
في عصره (2) - وفيها هاجر ما يقرب من (0 0 5) اسرة جزائرية استوطنت
دمشق بعد ذلك، وكانت هذه الهجرة عام (263 1 هـ/ 6 184 م) (3).
وبعد أن وصل الشيخ صالح إلى دمشق، واستقزَ بها، بدأ يترددُ على
مجالس علمائها، حتى ذاع علمه، وعُرف فضله، فأسُند إليه منصب إفتاء
المالكية في دمشق. وأصبحَ يعيدُ درس (صحيح البخاري) للشيخ أحمد
(1) ا نطر: كرد علي، كنوز ا لأجداد، ص 9.
(2) هذا يعني أن الشيخ صالح كان من أتباع الطريقة الخَلْؤَيئة، والتي آصبح الشيخ
محمد المهدي نفسه مقدمَها في دمشق.
(3) انظر: محمد مطيع الحافظ ونزار آباطة، تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع
عشر الهجري، ط 1، دمشق، دار الفكر: 6 0 4 1/ 976 1، ص 1 - 366.
22

الصفحة 22