كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

فقد كان الشيخ الميداني - كما يقول محمد كرد علي -: ". . . على
جانبٍ عظيم من التقوى والورع، يمئل صورةً من السملف الصالج، فطبع
الشيخ طاهراً بطابعه، وانشأه على اصح الأصول العلمية الدينية، وكانت
دروسُه دروسأ صافية المشارب، يرمي فيها إلى الرجوع بالشريعة إلى
اصولها، والأخذِ من اَدابها بلبابها، ومحاربة الخرافات التي استمراتها
طبقاتُ المتاخرين، وإنقاذ الدين من المبتدعين والوضاعين " (1).
وقد نقل لنا محمد سعي! د الباني ثناء الشيخ طاهر على شيخه الميداني،
وشيئاً عن علاقته به، فقال: "وكثيراً ما سمعتُ الفقيدَ (اي الشيخ طاهر)
يُطْريه، ويثني عليه، بأنه من العلماء المحقِّقين، ا لواقفين على لُباب ا لشر يعة
واسرارها، البعيد ين عن البدع والخرافات.
وأخبرني أئه حينما حضر عنده (التلويح) لسعد التفتازاني على
(توضيح التنقيح) لصدر الشريعة في اصول الفقه، وجد منه تحقيقأ يُعْرِبُ
عن غزارةِ وارتقاش فكره، غير اته كان يؤبرُ الخمول على حُعث الشهرة
والظهور، فلا يرغب في المناقشة والتفصُح في المجالس الحافلة، ولكئه
إذا سُئل على انفراد عن عويصات المسائل، تجدُ منه حَلاَّل المعضلات،
وكشاف الأستار عن الأسرار" (2).
وقد شارك الشيخ الغنيمي في احداثِ عصره، فهو الذي حالَ ب! رشاده
وتوجيهه ومكانته الدينية مع بقية علهماءِ واعيانِ الميدان في احداث الفتنة
الطائفية بين المسلمين والنصارى عام 860 ام، دون تعدي فتيان
المسلمين على جيرانهم النصارى في محلّة الميدان، فأنقذَ بموقفه هذا
(1) كرد علي، كنوز ا لأجد اد، ص 9.
(2) الباني، تنوير البصائر، ص 74، 0 1 1، 1 1 ا من الطبعة الثانية (علماء الشام كما
عرفتهم).
25

الصفحة 25