كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث
وكان من عادة الشيخ خلال الأربعين السنة الأخيرة من حياته ا ن
لا ينام إلا إذا صقى الصبح، يسهر مع بعض اصحابه في اول الليل، ئم
يعود إلى حجرته في مدرسة (عبد الله باشا العظم) الكائنة في طريق بين
البحرتين في دمشق القديمة، ليقرا ويؤلف حتى يطلع الفجر (1).
وقد) ثر عنه اخبار كثيرة في حبه للعلم، وتفانيه فيه، لعل أطرفها
ما رواه الأستاذ علي الطنطاوي، بقوله: "حدثني الشيخ قاسم القاسمي
رحمه الله، ان اصحابه رأوا جبته قد أبلتها الأيام، وصئرتها شيئاَ نكراً،
فاحتالوا عليه حتى اشترى جبةَ جديدة، واخفوا عنه القديمة، فاضْطَر إلى
لبسها، ولم يكن اصعب عليه من لبس الجديد، وذهبوا به إلى مجلس في
(دمَر) في قصر الأمير عمر الجزائري، وكان المجلس حول بركة عظيمة،
لها نافورة عالية مشهورة، وكان فيه جقة علماء ذلك المشرب، الشيخ
عبد الرزاق البيطار والشيخ جمال الدين القاسمي وامثالهما، وإذا بالشيخ
ينزع الجتة، ويقوم بها إلى البركة فينزل بها فيها: غمساَ غمسأ، ثم ينشرها
على شجرة، حتى تجف وتنكمش وتقرمد فيلبسها، وساله سائل منهم،
فيقول:
- كانت جديدة شغلتني بالخوف عليها عن العلم، فالان استرحتُ
من التفكير فيها" (2).
د - زهده وعزته:
كان لا يعرف الرفاهية والنعيم، ولا يبالي بطيب المطعم ولين
(1) ا نطر ا لبا ني، تنوير البصائر، ص 36 1 - 37 1، ط 1، وص 2 6 1، ط 2؟ كرد علي،
كنوز ا لأجداد، صه 2.
(2) علي الطنطاوي، رجال من التاريخ، جدة، دار المنارة، د. ت، ص 378.
31