كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث
سبب ذلك هو مفاهيم وعادات ألبست ثوب الدين ظلماَ وزوراَ، واخطر
هذه المفاهيم هي التقليد الأعمى والشعور بالكمال الزائف.
فحارب الشيخ هذه المفاهيم المتحرفة، كما حارب الشعوذة
والبدع، والائجار بالدين، ودعا إلى تجديد الدين وإحيائه، والعودة إلى
المنابع الأصلية، إلى الكتاب والسنة، والاقتباس من نورهما،
والاسترشاد بهديهما.
كما دعا الأمة إلى اقتباس كل ما هو نافع في دنياها من اي مصدر
كان، فالحكمة ضالة المؤمن أتى وجدها فهو احق الناس بها، وطرح
الشعار القائل: خذ ما صفا، و ح ما كدر.
والتفت الشيخ إلى تثقيف العامة، وراى أنهم اطوع للحق من كثير
من ادعياء العلم والمنتفعين بالدين، وخاصة إذا اتبع المصلح الحكمة في
دعوتهم، واعطاهم من العلم ما تطيقه عقولهم، ومهَّد لذلك بالمقدمات
المرغبة والمؤسسة.
وابتعد الشيخ عن المعارك العلمية والجدلية، وراى فيها ضرراً
كبيراَ، ومَضيعة للوقت والجهد، فالحكيم من حدَد وسائله، واتبع خطته،
لا يصرفه عنها اي صارف، ولا يشغله دونها أي شاغل.
وبالجملة فالشيخ كان متميّزاً بعقل جامع منظّم، وهمة قعساء
لا تعرف الكَلل، فاستطاع ان يقف على العلل، ويشخصها، ويدرك
اسبابها، ويضع مشروعأحضارياً نهضويأ لعلاجها والبرء منها، ولم يكتف
بذلك، بل باشر التنفيذ بنفسه، وبدعم إخوانه ممن كانوا على شاكلته وَعيأ
ولَوْعة، وحقق في دنيا الواقع ما ينفع الناس ويرضي الخالق عزَّ وجل.