كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

بشكل مباشر، بل بثَ هذه الأفكار في أحاديثه الخاصة، ومحاوراته
المستمرة مع أصدقائه وتلاميذه، وفي بعض الرسائل التي كان يرسل بها
إلى من يهمه امره من هؤلاء الأصدقاء والتلاميذ، اخصنُ بالذكر منهم
صديقه الشيخ جمال الدين القاسمي، وتلميذَه الأستاذ محمد كرد علي،
اللذين احتفظا ببعض رسائله إليهما.
تعكس رسائل الجزائري بوضوح شخصيته وأسلوبه في الحياة، فهو
حريص على إيصال ا لأفكار والمعلومات بأسرع واوْضح طر يق ممكن، ولو
على حساب شكل الرسالة واسلوبها، فقد نراه احيانأ يعمد بعد الانتهاء من
كتابة رسالة ما إلى وضع حاشية عليها، لأنه تذكر فكرة او معلومة ما، ويرى
اته من الضروري إثباتها، ولو ان موضوع الرسالة لا يتناسب مع هذه
الحاشية. ونراه احيانأ اخرى نتيجة حرصه الشديد على الرد مباشرة على كل
من ارسل له رسالة يكتبُ رسالةً في بضعة اسطر قليلة، واحيانأ ينسى
تاريخ رسائله. وقد اجاد الأستاذ طافر القاسمي في وصف حقيقة رسائل
-الشيخ طاهر عندما قال:
"رسائل الجزائري غلبت فيها الفكرة على الأسلوب، وإذا كان
الأسلوب جزلاً رائعاً، لم يرد فيه السجع إلا في النادر. وإذا كان قد عُرف
عن الجزائري انه أستاذ جيل كامل، وإذا كان القاسمي قد وصفه بأنه
"المرقي الوحيد"، فهذه رسائله ابلغ دليل على عقله الجبَّار، الذي يوئد
الأفكار في كل حرف من حروفه.
اقرا هذه الرسائل فسترى فيها الشيخ طاهرأ بلحمه ودمه. أهدافه في
الإصلاج، سعيه لنشر النافع من آثار السلف، حرصه على محو البدع،
حرقته على نشر النور. . . " (1).
11) ظافر القاسمي، جمال الدين القاسمي وعصره، ص 9 0 5.
85

الصفحة 85