كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

غيرها. وقد سعى أناس منذ عهد بعيد، في أن يصفوا ما يقوي أمر الإسلام
عمومأ، والعربي خصوصأ، فنجحوا بعض النجاح، فطمعوا في ان يقضوا
عليه، فلم يجدوا اقرب إلى ذلك من إضعاف أمر اللغة العربية، والسعي في
تبديل خطها، والتزهيد في الكتب التي كتبت بها، فجعلوا ذلك دأبهم
وديدنهم، حتى اثروا في كثير من أبناء جلدتنا، الذين يظنون انهم على غاية
من الذكاء، والوقوف على اسرار الأمم، فكان ما كان مما هو معروف، ثم
زاد الأمرُ، فطمعوا في تبديل التاريخ الهجري، وساعدهم على ذلك (جبت)
مصر، ففرحوا فرحأ لا مزيد عليه. وقال بعضهم: الَان شفينا الغليل من هذه
الأمة، غير أنَّ كثيراً ممن انتبه لهذا الأمر سعى في إعادته على قدر الإمكان،
فامتعض أولئك القوم، وصاروا يلمزون كل من يسعى في ذلك " (1).
وهذه المسالة نظراً لتعلقها بتاريخ تأئر الشرق، لا يتيسر أن يكتب
فيها اقل من نحو ثلاثين صفحة في نحو ثلاثين يومأ. وليت شعري كيف
يُلام المسلم على أن يؤرخ كتابه بالتاريخ الهجري، فهل انقرض التاريخ
الهجري؟ وهل يريدون أن ينقرضَ وأصحابُه احياء؟
فان قالوا: إن المقصود توحيد التاريخ في الأمم، واوروبة هي
القوية الَان.
قيل: إن اوروبة لها تاريخان، احدُهما شرقي والَاخر غربي، وكل
يؤرِّخ به قوم منهم، فهل اوقف ذلك التجارة او أثر في المدنية شيئأ؟ ولمَ
لا يكلفون تغيير مكاييلهم وموازينهم واذرعهم، لتتحد المقايشى في
(1)
انظر: (تاريخ الدعوة إلى العامية وتاريخه! في مصر) للدكتورة نفوسة زكريا،
و (أباطيل وأسمار) لإمام العربية في هذا العصر الأستاذ محمود محمد شاكر
رحمه الله تعالى.
93

الصفحة 93