كتاب الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث

اعتمد الشيخ الجزائري في دعوته إلى هذا الهدف طريق التربية
والتعليم، لأنه كان يرى أن ازمة الأمة إنما اتتها عن طريق الجفاف والجمود
الذي اصاب أفكارها. ولذلك كنا نراه يستفرغ كلّ جهده في الدعوة إلى
الأخذ بأسباب العلم كل العلم. ففد كان رحمه الله يدعو المسلمين من جهة
إلى تلقُّفِ علومهم، والاعتصام بها، والعناية بتراثهم، وثشر كنوزه
ودفائنه، لتبقى العقيدة والشريعة والقيم الإسلامية ضوابط ومنارات
يهتدون في كل الظروف والحالات، ويستأنفون دورتهم الحضارية على
أساسٍ مكين منها.
ومن جهةٍ أخرى كان يدعو المسلمين إلى أن يفتحوا قلوبهم
وأفكارهم لعامة علوم الأوائل والأواخر، من الفلسفة والعلوم الطبيعية
والاجتماعية على اختلاف أنواعها. لأنه كان يثق بأمته وعلومها،
فلا يخشى عليها شيئأ، بل كان يرى انه من حقها، بل من الواجب عليها أ ن
تطلع على الكَسْب الحضاري الذي انجزه الغرب في عصره، لتزدادَ قوةً
على قوة، وتتسفَح بكل أسباب البفاء والمَنَعة (1). فقد كان رحمه اللّه يرى
"أن العلم أنشودة المتعلم أينما وجده تعلمه، كما انّ الحكمة ضالة المؤمن
أينما وجدها التفطها" (2).
وكان يفول لأصحابه: "تعفَموا كلّ ما يتيسر لكم تعفمه، ولو لغة
مالطة، فقد يجيء زمان تحتاجون إليها، وإ يَّاكم ان تفولوا: إئها لا تدخلُ
في اختصاصنا، فالعلم كفه نافع، والمرء يتعقم ما حَسُنت به الحياة " (3).
(1)
(2)
(3)
ا نظر: محمد كرد علي، كنوز ا لأجد اد، ص 2 1؟ ا لبا ني، تنوير البصا ئر، ص 78،
ط 1، وص ه 1 1، ط 2.
محمد سعيد الباني، تنوير البصائر، ص 78، طا، وص ه 1 1، ط 2.
محمد كرد علي، المذكرات، دمشق، مطبعة ا لترفي: 1368/ 9 1، 3/ 9 1 7.
96

الصفحة 96